المثلية
Almithlia
كلمة مصرية إماراتية بحرينية كويتية عمانية قطرية عراقية أردنية فلسطينية سورية جزائرية ليبية مغربية حسانية تونسية حجازية نجدية سودانية يمنية
في البداية نود التنويه إلى أن هذا التقرير يعتبر شامل وكافي في الحديث عن المثلية الجنسية وهو غير متحيز إطلاقًا لأي رأي شخصي أو توجه، وكل ما هو مكتوب يعتبر نتائج تجريبية نتيجة لدراسات أو أبحاث مختلفة، المراجع متاحة في التعليقات.
نرجو عدم وضع أي تعليق بدون قراءة الموضوع كاملًا.
تحت تأثير أيدلوجيات مختلفة صُنِّفت المِثلية الجنسيَّة على مر عصور كثيرة كمرض، أو اضطراب نفسي، أو اختيار شخصي. في البداية سنناقش ما توصل إليه العِلم الحديث بشيء من التفصيل عن المِثلية الجنسية؛ ما هي؟ وما أسبابها؟
ما هي المِثلية الجنسية؟
المِثلية الجنسية: هي الشعور بالانجذاب العاطفي تجاه شخص من نفس الجنس، وهي لا تقتصر على ممارسة الجنس فقط، فيمكن أن يكون إحداهما أو كلاهما معًا.
وقد يُعد إخلالًا بالمعنى أن نَصِف المِثلية الجنسية على أنها شذوذ جنسي؛ لأن التوجه المِثلي هو أمر شائع في الطبيعة؛ فهي مُنتشرة بكثرة بين مملكة الحيوانات بمُختلف تصنيفاتها وأنواعها، بل إنّ بعض الدراسات تُشير إلى وجود توجهات مِثلية عند بعض أنواع الحشرات!
حول التوجهات الجنسية:
في القرن الـ19 ظهرت العديد من النظريات حول المِثلية الجنسية ولكن لم يكن لها أي دليل تجريبي أو اتساق مع بعضها البعض أو مع الواقع.
في أواخر أربعينيات القرن الماضي، أجرى عالِم البيولوجيا «ألفريد كينسي - Alfred Kinsey» دراساته حول التوجه الجنسي للمثليين، وأظهرت النتائج أنَّ للمِثلية الجنسية درجات مُتفاوتة، وقام بوضع ما يُعرف باسم «سلم كينسي - Kinsey scale» الذي يتدرّج من (0) إلى (6) بحيث أن:
(0): تعني أن الشخص مُغاير الجنس تمامًا (Heterosexual) ولا يميل بأي درجة إلى المِثلية.
(1): تعني أن الشخص في الغالب مُغاير الجنس وقليل الميل نحو المِثلية الجنسية «مثلي عرضيًا»
(2): تعني أن الشخص في الغالب مُغاير الجنس وأكثر ميل -قليلًا- نحو المثلية الجنسية «مثلي أكثر عرضيًا»
(3): تعني أن الشخص له ميول جنسية مزدوجة (Bisexual).
(4): تعني أن الشخص في الغالب مِثلي الجنس وأكثر ميل -قليلًا- للمُغايرة الجنسية «مغاير أكثر عرضيًا»
(5): تعني ان الشخص في الغالب مِثلي الجنس وقليل الميل نحو المُغايرة الجنسية «مُغاير عرضيًا»
(6): تعني أن الشخص مِثلي الجنس تمامًا (Homosexual) ولا يميل بأي درجة إلى المُغايرة.
(X): وهي إشارة تمت إضافتها لاحقًا لسُلم كينسي للدلالة على ان الشخص لا جنسي (Asexual) أي ليس لديه توجه جنسي على الإطلاق أو رغبة في أي من الجنسين.
الشعور بالاختلاف:
يبدأ الإحساس بالميل العاطفي نحو أفراد نفس الجنس في مرحلة الطفولة، ويتطور تصاعدًا حتى مرحلة المُراهقة، وما بين الضغوط المُجتمعية الخارجية والشعور الداخلي بالاختلاف؛ يظل الشخص في حالة مِن الحيرة والقلق حيال توجهاته ومشاعره، وخلال هذه الفترة أظهرت بعض الدراسات ارتفاعًا ملحوظًا في نِسب الانتحار بين المُراهقين، وأرجعت السبب في ذلك إلى الأعراف الاجتماعية والثقافية المحيطة بهم، وخوف الشخص من ردة فعل المُجتمع نحوه، وما قد يتبعها من اضطهاد أو تمييز أو عنف أو قتل أحيانًا! وتَقِل هذه النِسب كلما كان المُجتمع أكثر انفتاحًا وتقبلاً للمثليين.
وكنتيجة منطقية، تستبعِد مِثل هذه الدراسات في هذه الحالة - وغيرها كما سنرى - أن تكون المِثلية الجنسية اختيارًا شخصيًا نابعًا عن إرادة حرة؛ فلا يوجد سبب يُجبر الشخص على اختيار توجهه الجنسي في مٌقابل تحمُّل ضغوط نفسية مُجتمعية، وتقبُّل التمييز العنصري ضده، يقوده في النهاية إلى الانتحار!
أسباب المِثلية الجنسية:
-العامل الچيني والمراحل الأولى في تكوين الأجنة:
في دراسة تمت على عدد من التوائِم؛ أظهرت نتائجها على التَوأَم الغير مُتماثل أنه إذا كان لأحدهما توجهات مِثلية الجنس، فإن احتمالية أن يكون للآخر نفس التوجهات المِثلية هو 22% وعند دراسة التَوأَم المُتماثِل تبيّن أنه إذا كان أحدهما مِثلي الجنس فإن احتمالية أن يكون للآخر نفس التوجه الجنسي ترتفع إلى 52%! ومِثل هذه الدراسة تُلقي الضوء على أحد العوامل الهامة المُسببة للمِثلية الجنسية؛ وهي الچينات، لأن التَوأَم المُتماثِل أقرب جينيًا إلى بعضهما البعض عن التوأم المُختلف أو الغير مُتماثل.
بعض الأبحاث والدراسات عن آلية عمل الچينات وعلاقتها بالتوجهات الجنسية:
• في دراسة أخرى تمت على أكثر من 114 عائلة من عائلات أشخاص أصحاب توجهات مثلية، تبيَّن أن معدلات وراثة نفس التوجهات الجنسية المثلية في عائلة الأم أكثر منها في عائلة الأب، مما فتح المجال لدراسة أخرى تُفسِّر العلاقة بين كروموسوم X الخاص بالأم والتوجهات المِثلية للذكور، واتضح بالفعل وجود عدّة مواقع على كروموسوم X تتحكم في التوجه الجنسي للذكور، تنتقل من الأم للجنين في مراحل التكوين الأولى له داخل الرَّحِم مُسببة هذا التوجه الجنسي.
• في الظروف العادية، احتمالية أن يكون الشخص مِثلي الجنس هي أقل من 5% ولكن إن كان للطفل الذكر عِدة إخوة ذكور أكبر مِنه سنّاً، فإن احتمالية أن تكون توجهاته الجنسية مِثلية، ترتفع إلى 33% ويرجع ذلك لأن جسم الأم يتعامل مع كروموسوم Y القادِم من الأب على أنه جُسيم غريب، فيعمل على إفراز جُسيمات مُضادة له ومهاجمته، مع ولادة الأم لعِدة ذكور، تزداد قوة مهاجمة هذه الجسيمات لهرمونات الذكورة، مسببة التوجه المثلي للطفل.
• في الأسابيع الأولى تتكون جميع الأجنة بنفس الطريقة، لو لم يتغير شيء، سيولد الجنين كأنثى، ولكن عندما يبدأ كروموسوم Y في العمل، يبدأ في الأسبوع السادس بتكوين الخصيتان، وبدورهما تقومان بتكوين هرمون الذكورة التستوستيرون، في الأسبوع الثامن يبدأ إفراز الهرمون، ويكون هو مسؤول عن إظهار صفات الذكورة على الجسم، وتؤثر هذه العملية في مراحل تكوين المخ الأولى، بما في ذلك المهاد (Hypothalamus) الذي يتحكم بشكل جزئي في تحديد ما يجده الشخص جذّاب ومثير جنسياً، وتقترح بعض الدراسات نظرية تقول بأنه كلما زاد تعرض مهاد المخ إلى إفرازات هرمون التستوستيرون، كلما زاد ميل الذكر إلى الأنثى، ولكن في حالة المِثلية الجنسية، يمتص الجنين ما يكفي من هرمون الذكورة ليشكل جسده كذكر، ولكن مخه لم يتعرض للقدر الكافي لتغيير ما بدأ عليه، وهو الميل الجنسي تجاه الذكور، فيولد الطفل بجسم ذكوري كامل، ولكن بتوجهات جنسية مختلفة.
المثلية الجنسية في علم النفس:
العوامل النفسية قد لا تكون العامل الوحيد في تحويل الشخص لمثلي الجنس، فبعضهم يولد كذلك بالفعل كما تم الشرح مسبقًا ولكن ما رأي علم النفس في المثلية الجنسية؟
• تاريخيًا:
قديمًا كانت توصف بالغير طبيعية من قبل المؤسسات الحاكمة والأشخاص العاديين لأنها فعل لا يؤدي إلى إنتاج؛ لذلك تم اعتبارها شذوذ عن ممارسة الجنس الطبيعية وقد دعم ذلك الرأي عن طريق العديد من الأديان والتي كانت لها السلطة المطلقة آنذاك، وكانت الأحكام على المثليين تصل إلى الإعدام.
في مرحلة لاحقة تم إدراج العلاج الديني كأحد سبل التغلب على المثلية الجنسية، وذلك قبل فرض عقوبة على الشخص تصل إلى الموت إذا لم ينجح العلاج.
في بدايات القرن التاسع عشر بدأ الدين وعلم النفس في أن يدخلوا في صراع حول قضية الحكم في التوجه الجنسي، وبذلك تحولت الدفة في النقاش حول المثلية الجنسية من فكرة إذا ما كانت خطيئة أم لا، إلى فكرة إنها مرض أم لا. وكان ذلك التغير محوري لأنك من وجهة نظر المجتمع (قديمًا) يمكنك أن تلوم شخص على خطيئة ما، لكنك لا يمكنك أن تلوم شخص على شيئًا لم يختاره. اختلف رأي علماء النفس في البداية حول المثلية الجنسية ولكن حتى في الطب والطب النفسي لم يعتبروها مرضًا بشكل مطلق:
• رأي علماء النفس قديمًا:
-بالنسبة لـ«ريتشارد فون كرافت إيبنج» فقد اعتبرها علة نفسية جنسية، ولكن «سيغموند فرويد» و«هافلوك إليس» على حد سواء قابلوها بعبارات أكثر تقبلًا.
بالنسبة لـ «إليس» (عام 1901) قال: أن التوجهات المثلية تولد مع الشخص، وبالتالي لا يمكن اعتبارها غير اخلاقية، فهي ليست مرضًا، وأن العديد من المثليون جنسيًا قد قدموا اسهامات بارزة في المجتمع.
بالنسبة لـ«سيغموند فرويد» كان الأمر مختلفًا قليلًا فقد أعرب عن اعتقاده أن جميع البشر ثنائيون الجنس بالفطرة، ويتحدد توجهم الجنسي لاحقًا نتيجة لتجاربهم مع الآباء والأمهات وغيرهم. ولكنه وافق «إليس» الرأي بأنها ليست مرضًا.
وقد قال في (عام 1935) نصًا لخطاب موجه لأم أمريكية ابنها مثلي الجنس: "المثلية بالتأكيد ليست ميزة، ولكنها ليست عارا، ليست خطيئة، ليست انحطاطا، لا يمكن تصنيفها كمرض. نعتبرها اختلافا في الوظائف الجنسية نتجت خلال مرحلة معينة من مراحل التطور الجنسي. الكثيرون من الأفراد المرموقين في الحاضر والماضي كانوا مثليين، والكثير من العظماء (أفلاطون، مايكل أنجلو وليوناردو دا فنشي، وغيرهم). من الظلم الشديد اضطهاد المثلية الجنسية باعتبارها جريمة، بل وقسوة شديدة أيضا... إذا كان ابنك غير سعيد، وعصبي، وتمزقه الصراعات، يعاني من الكبت في حياته الاجتماعية، فإن التحليل النفسي قد يجلب له الانسجام وراحة البال، وسوف يكون بكفاءته الكاملة سواء ظل مثليا أو حدث تغيير."
• أما عن رأي علم النفس حديثًا:
علماء النفس في وقت لاحق لم يتتبعوا هذا الرأي، فقد رفض «ساندور رادو» فرضية فرويد من الازدواجية الكامنة، وزعم أن العلاقة مع الجنس الآخر هي الطبيعية وأن المثلية الجنسية هي محاولة إصلاحية لتحقيق المتعة الجنسية عندما تمثل العلاقات مع الجنس الآخر تهديد. جادل محللون آخرون في وقت لاحق أن المثلية الجنسية هي نتاج العلاقات الأسرية المرضيَّة خلال الفترة قبل الأوديبية (حوالي 4-5 سنوات من العمر)، وادعوا أنهم لاحظوا هذه الأنماط في مرضاهم مثليي الجنس (بيبر وآخرون، عام 1962). تكهن «تشارلز سوكاريديس» (عام: 1968) أن من مسببات التوجه الجنسي المثلي تكون في سن ما قبل الأوديبي (4-5 سنوات).
• التحيز في التحليل النفسي:
على الرغم من أن نظريات التحليل النفسي بخصوص المثلية الجنسية لاقت رواجًا واسعًا في علم النفس، وفي الثقافة الاجتماعية، إلا إنها لا تخضع لرقابة صارمة. فبدلا من ذلك، كانت تستند على الملاحظات السريرية لمرضى معروف عنهم أنهم مثليين بالفعل.
هذا الإجراء يؤثر سلبًا على صحة استنتاجات التحليل النفسي من ناحيتين:
أولا: من ناحية نظريات المُحلِل وتوقعاته، والمواقف الشخصية من المرجح أن تصنع نوعًا ما من التحيز في ملاحظاته أو ملاحظتها. لتجنب مثل هذا التحيز، يأخذ جهدا كبيرًا في دراستهم للتأكد من أن الباحثين الذين جمعوا البيانات لا يوجد لديهم توقعات حول كيفية أن أحد المشاركين في بحث معين سوف يستجيب. ومن الأمثلة على ذلك التجارب العمياء، وهي تجربة تكون معلومات الاختبار فيها والتي يمكن أن تسبب تحيزًا في نتائج الاختبار متكتمًا عليها ومخفية عن القائم بالفحص (الفاحص) والخاضع له (مريض غالبا)، أو كليهما حتى نهاية الاختبار. والتحيز قد يكون مقصودا أو غير مقصود. وتسمى التجربة التي يكون فيها الفاحص والخاضع للفحص كلاهما معمى عليه بالتجربة ثنائية التعمية. لم تستخدم مثل هذه الإجراءات في دراسات التحليل النفسي السريري من الميل الجنسي المثلي.
والمشكلة الثانية مع دراسات التحليل النفسي هو أنها قد درست مثليون جنسيًا الذين كانوا بالفعل تحت الرعاية النفسية فقط - وبعبارة أخرى، مثليون جنسيًا يريدون نوعًا من العلاج. وذلك أن هؤلاء لا يمكن أن يمثلوا الجميع. تماما كما سيكون من غير المناسب استخلاص استنتاجات حول جميع العلاقات الجنسية الغيرية تستند فقط على البيانات من المرضى النفسيين من جنسين مختلفين، لا يمكننا تعميم ملاحظات من المرضى المثليين لجميع الأشخاص المثليين والمثليات.
• «ألفريد كينسي»: اعتمد موقفا أكثر تسامحًا تجاه المثلية الجنسية ووضع «تدريج كينسي» المشروح في أول المقال، عالم الحيوان «ألفريد كينسي»، في دراساته التجريبية الرائدة حول السلوك الجنسي بين البالغين في الولايات المتحدة، وكشفه أن عددًا كبيرًا من المشاركين في بحثه أفادوا بأنهم منخرطون في سلوك جنسي مثلي إلى حد النشوة الجنسية من بعد سن 16.
وعلاوة على ذلك، ذكر كينسي وزملاؤه أن 10٪ من الذكور في العينة و2-6٪ من الإناث (حسب الحالة الاجتماعية) كان سلوكهم مثلي لمدة ثلاث سنوات على الأقل تتراوح أعمارهم بين 16 و55.
والجدير بالذكر أن على الرغم من الأخذ بهذه الإحصائيات إلى أنه لا يمكن تقييمها إذا ما كان الأشخاص تم اختيارهم بشكل عشوائي أم لا. ومع ذلك، كشف عمله أن الكثير من البالغين شاركوا في سلوك جنسي مثلي أكثر مما اعتقد سابقًا أو لديهم أفكار مثلية. العثور على هذا يلقي ظلالًا من الشك على افتراض على نطاق واسع أن المثلية الجنسية كانت تمارس من قبل عدد قليل جدًا من الأشخاص.
• الدراسات المقارنة:
جادل الباحثون في العلوم الاجتماعية الأخرى أيضًا ضد النظرة السلبية السائدة نحو المثلية الجنسية. في استعراض الدراسات العلمية المنشورة والبيانات الأرشيفية، وجد «فورد» و«بيتش» (عام 1951) أن سلوك المثلية الجنسية موجودة على نطاق واسع بين مختلف الأنواع غير البشرية، وفي عدد كبير من المجتمعات البشرية. وذكروا أن السلوك المثلي يعتبر نوعًا ما عادي ومقبول اجتماعيًا على الأقل في 64٪ من المجتمعات الـ76 الموجودين في عينتهم؛ في المجتمعات المتبقية، أفيد بأن النشاط المثلي الطوعي بين البالغين غائب تماما، ونادر، أو يتم ممارسته في السر فقط.
كما هو الحال مع «كينسي»، لا يمكن تطبيق هذه النسبة على كافة المجتمعات البشرية لأن العينة المستخدمة لم يتم التأكد ما إذا كان تم اختيارها بصورة عشوائية أم لا. ومع ذلك، فإن نتائج «فورد» و«بيتش» تثبت أن السلوك الجنسي المثلي يحدث في العديد من المجتمعات وليس دائمًا مدان.
• «إيفلين هوكر»:
دراسة «إيفلين هوكر» (عام 1957) كانت جديرة بالاحترام وتعتبر من أهم الدراسات التي أقيمت على المثلية الجنسية للعديد من الجوانب الهامة.
أولًا: بدلًا من مجرد قبولها بالرأي السائد بأن المثلية الجنسية مرض، فقد طرحت مسألة ما إذا كان العلاقات المثلية والعلاقات المغايرة يختلفون في تكيفهم النفسي أم لا.
ثانيًا: بدلًا من دراسة المرضى النفسيين، فقد أحضرت عينة من الرجال المثليين الذين كانوا يعملون بشكل طبيعي في المجتمع.
ثالثًا: قامت باتباع طريقة معينة وذلك بأنها طلبت من خبراء تقييم هؤلاء الرجال دون معرفة مسبقة عن ميولهم الجنسية. تعالج هذه الطريقة مصدرًا هامًا من مصادر التحيز الذي قد أفسد الكثير من الدراسات السابقة عن المثلية الجنسية.
قامت «إيفلين» بعمل ثلاثة اختبارات (اختبار رورشاخ –المعروف باختبار نقطة الحبر-، واختبار الإدراك الموضوعي [TAT]، واختبار تقديم قصة مصورة [MAPS]) على 30 من الذكور مغايري الجنس و30 من الذكور مثلي الجنس، تم اختيارهم من خلال منظمات المجتمع المحلي. وجرى الربط بين المجموعتين بالنسبة للعمر، ومعدل الذكاء IQ، والتعليم. ولم يكن أي من الرجال يخضع إلى علاج ما في وقت الدراسة.
أخضع اثنان من الخبراء في اختبار رورشاخ الرجال للاختبار، بدون معرفة مسبقة لميولهم الجنسية، وطُلب منهما تحديد معدل تكيفهم على مقياس من 5 درجات. وكان تقييمهما بأن الثلثين من مغايري الجنس والثلثين من المثليون جنسيًا في أعلى الفئات تكيفًا. عندما طُلب منهما تحديد نتائج المثليين، لم يتمكنا من تمييز ردود المثليين من غيرهم.
يستخدم الخبير الثالث اختبار الإدراك الموضوعي، واختبار تقديم القصة المصورة، لتقييم التوافق النفسي للرجال. كما هو الحال مع نتائج اختبار رورشاخ، لم تختلف ردود مغايري الجنس عن ردود المثليين كثيرًا.
توصلت «إيفلين» من بيانات اختبارها بأن المثلية الجنسية ليست حالة سريرية وليست مرتبطة بكونها أحد الأمراض النفسية.
ومنذ ذلك الحين تم تكرار نتائج «إيفلين» من قبل العديد من الباحثين الآخرين باستخدام مجموعة متنوعة من أساليب البحث. على سبيل المثال، فريدمان (عام 1971)، استخدم تصميم «إيفلين هوكر» الأساسي لدراسة النساء المثليات والمغايرات. بدلًا من الاختبارات الإسقاطية، قام بإجراء اختبارات التسجيل -الموضوعية- لتقييم الشخصية على النساء. وكانت استنتاجاته مماثلة لاستنتاجات «إيفلين هوكر».
على الرغم من أن بعض التحقيقات التي نشرت منذ دراسة «إيفلين» والتي زعمت أن المثلية الجنسية مرض نفسي، إلا أنها كانت ضعيفة منهجيًا. فعلى سبيل المثال كانت تستخدم العديد من العينات السريرية فقط أو عينات من السجون، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعمم نتائجها. كما فشل آخرون في إجراءات الحفاظ على المعلومات التي تم جمعها من التحيزات المحتملة من قبل المحققين على سبيل المثال، تقييم الرجل نفسيًا من قبل المحققين يكون من وجهة نظرهم النفسية، والتي يمكن أن تكون متأثرة بفكرة التعامل معهم بكونهم مثليين.
• وجدت بعض الدراسات اختلافات بين مثليي الجنس ومغايري الجنس، ومن ثم افترضت - هذه الدراسات - أن تلك الاختلافات تعتبر مؤشر على وجود علة نفسية ما. على سبيل المثال، فإن مغايري الجنس ومثلي الجنس قد مروا بأنواع مختلفة من تجارب الطفولة أو العلاقات الأسرية. عندئذ يفترض أن الأنماط التي أفاد بها المثليون جنسيًا تشير إلى مرض نفسي، على الرغم من ذلك لا يوجد فروق في الأداء النفسي بين المجموعتين -المجموعة المثلية، والمجموعة المغايرة-.
• وزن الأدلة:
في مراجعة للدراسات المنشورة والتي قارنت بين مثليي الجنس ومغايري الجنس عن طريق الاختبارات النفسية، وجد «جون جونسيوريك» (عام 1982) أنه على الرغم من أنه لوحظت بعض الاختلافات في نتائج الاختبارات بين المثليين جنسيًا وأصحاب العلاقات الجنسية الغيرية، إلا أن كلا الفريقين سجل نتائج ضمن المعدل الطبيعي. اختتم «جون» كلامه بأن "المثلية الجنسية في حد ذاتها ليس لها علاقة بالاضطرابات النفسية أو عدم التكيف. المثليون كمجموعة لا يمكن اعتبارهم مختلين نفسيًا بسبب ميولهم الجنسية المثلية."
• الحذف من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية:
في عام 1973، وزن البيانات التجريبية، بجانب تغيير المعايير الاجتماعية وزيادة نشاط المثليين في الولايات المتحدة، أدى إلى أن إدارة الرابطة الأمريكية للطب النفسي أزالت المثلية الجنسية من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM). وقد تم التصديق على قرار المجلس من خلال تصويت جماعي للأطباء النفسيين عام 1974، وفي عام 1986 تم إلغاء اعتبار المثلية الجنسية كمرض عقلي أو إدراجها تحت أي مرض آخر بشكل نهائي.
جمعية علم النفس الأمريكية (APA) أيدت على الفور إجراءات الأطباء النفسيين، وعملت بشكل مكثف للقضاء على وصمة العار المرتبطة تاريخيًا مع التوجه الجنسي المثلي.
الاستنتاج العام:
لا يزال بعض علماء النفس والأطباء النفسيين يضمرون مواقف سلبية شخصية اتجاه المثلية الجنسية. ومع ذلك، فإن الأدلة التجريبية والمعايير المهنية لا تدعم فكرة أن المثلية الجنسية هي شكل من أشكال المرض العقلي أو ترتبط بطبيعتها بعلم النفس المرضي.
وذلك لا يعني أن الأقليات الجنسية تكون خالية من الأمراض النفسية والضغوط النفسية. في الواقع، نظرًا للضغوط التي أنشأتها وصمة العار الجنسي والتحيز المستمر، سيكون من المثير للدهشة أن يكون بعضًا منهم لم يعاني من مشاكل نفسية بعد. تشير البيانات من بعض الدراسات أنه على الرغم من أن معظم أفراد الأقلية الجنسية متكيفون نفسيًا بشكل جيد، إلا أن الأفراد الذين لديهم أهواء جنسية أخرى مختلفة عن السائد يكونوا أكثر عرضة لخطر نوعًا ما إلى الاكتئاب، والقلق، والمشاكل ذات الصلة، مقارنة بأصحاب التوجه الجنسي الغيري.
للأسف، بسبب الطريقة التي تم إجراء هذه الدراسات بها، فإنها لا تعطي معلومات حول نسب الإصابة بهذه المخاطر بالنسبة للمجموعات الفرعية المختلفة داخل الأقلية الجنسية. (مثلًا: نسبة إصابة ثنائيي الجنس والمثليين بأمراض معينة مقارنةً مع غيرهم، أو نسبة إصابة ثنائيي الجنس بأمراض معينة مقارنةً بالمثليين... وهكذا)
في البحوث المستقبلية، ستكون المقارنة مهمة بين مختلف الأقليات الجنسية لكي نعرف كيف يصمد العديد من الأفراد في وجه الضغوط التي يفرضها التحيز الجنسي، وتحديد استراتيجيات فعالة لعلاج الذين يعانون من مشاكل نفسية.
إجابة على اسئلة حول المِثلية الجنسية:
• هل يمكن أن يكون أحد أسباب المِثلية الجنسية اضطراباً نفسياً؟
- لا، فقد تم إلغاء اعتبارها مرض نفسي نظرًا للنتائج التجريبية التي تدعم ذلك، كما تم الشرح بالتفصيل بالأعلى.
-
• هل للمِثلية الجنسية علاج؟
- لا تُعد المثلية الجنسية مرضاً من الأساس، لكن كل الادعاءات القائلة بأن للمثلية الجنسية علاج هي محض خرافات ليس لها أساس علمي، وأحد طرق خداع البعض، هي العلاج الهرموني، فمصدر الرغبة الجنسية هو المخ، والجينات المكونة للشخص من الأساس، وأثناء وبعد فترة البلوغ عند الجنسين من المثليين جنسياً ومتبايني الجنس تتساوي نسب الهرمونات؛ فهرمونات مِثلي الجنس الذكر مساوية لهرمونات الذكر مُتباين الجنس، ونِسب الهرمونات عند الأنثى مِثلية الجنس مساوية تقريباً لهرمونات الأنثى متباينة الجنس، مع بعض الاختلافات الطفيفة في نسب التستوستيرون، وبذلك فإن الادعاء القائل بأن للمثلية الجنسية علاج ما، هو خاطئ.
• في ظل نظرية التطور والانتقاء الطبيعي؛ لماذا لم يتم التخلص من الجينات المُسببة للمِثلية الجنسية، بما أنها تعيق عملية التكاثر؟
- انتقال أحد المُسببات الجينية للمثلية الجنسية عن طريق الأم كما ذكرنا، عن طريق كروموسوم X وتحديداً في موقع Xq28 قد يكون هو الإجابة على هذا السؤال، فوجود هذا الجين مُفعل مُفيد للأم، ولكن عند انتقاله إلى الجنين الذكر يجعله مِثلي الجنس.
• عندما يتزوج الأشخاص ذوي الميول الجنسية المِثلية، لا تُمرر ميولهم إلى أية أطفال، فكيف ظلت متواجدة طيلة هذا الوقت؟
- يتكون الذكر من كروموسوم X من الأم وكروموسوم Y من الأب، في حالة الأنثى يكون XX، ولكن لماذا XY يكون الذكر؟ كما ذكرنا لأن كروموسوم Y هو المسؤول عن إنتاج هرمون الذكورة (التستوستيرون) أثناء عملية تعرض الجنين للهرمون، قد لا يستقبل القدر الكافي لتغيير ميوله الجنسية كمظهره الجسدي، كما ذكرنا، فدرجة التعرّض تختلف بدرجات متفاوتة، فحتى وإن لم يكن لأصحاب الميول الجنسية المثلية نسل، فهكذاً هي الطبيعة!
• هل العلاجات الإصلاحية الموجودة حاليًا فعالة؟
من فترة أعتذر الطبيب النفسي «روبرت سبيتزر» عن نشره بحث يدعم فيه فكرة «العلاج الإصلاحي» لمعالجة المثلية الجنسية بناءً على ادعاء بعض الأشخاص المتدينون أنه نجح في تغيير هويتهم الجنسية، ولكنه عرف بكذبهم بعد ذلك واعتذر عن نشر البحث.
في الواقع، حتى لو أن عدد قليل جدًا من الحالات غير من ميوله لأي سبب كان، إلا أن هناك حجج قوية أن القيام بمثل هذه الجلسات هو عمل غير أخلاقي. حيث أن أضرارها على الصعيد النفسي أكثر بكثير من فوائدها. على سبيل المثال، الدكتور جيرالد دافيسون (1991)، الرئيس السابق لجمعية نهوض العلاج السلوكي، جادل بأن البرامج التي تهدف نحو تغيير التوجه غير لائقة أخلاقيًا، ووجودها يؤكد فقط التحيزات المهنية والمجتمعية ضد المثلية الجنسية. لأكثر من ربع قرن، وقد اعترفت الجمعيات المهنية الرئيسية لممارسي الصحة العقلية أن المثلية الجنسية ليست مرضا عقليًا، بل أنه يتم انتقاد محاولات تغيير التوجه الجنسي بشدة.
وجهة النظر السائدة في علم النفس والطب النفسي هي أن الناس الذين يقلقون حول ميولهم الجنسية المثلية يكون قلقهم نتيجة لحساسية المجتمع من الموضوع، وأن دور المعالج يكون في مساعدتهم على التغلب على تلك الأفكار المسبقة ويعيشوا حياة سعيدة ومُرضية كمثليين. - والجدير بالذكر أن تلك النتيجة قد لا تكون مناسبة لمجتمعنا الآن لما قد يتعرض له الأفراد من مشاكل اجتماعية، ولكن التوعية تظل سبيلًا لتغيير وجهة نظر الأفراد للمثلية الجنسية.
نرجو عدم وضع أي تعليق بدون قراءة الموضوع كاملًا.
تحت تأثير أيدلوجيات مختلفة صُنِّفت المِثلية الجنسيَّة على مر عصور كثيرة كمرض، أو اضطراب نفسي، أو اختيار شخصي. في البداية سنناقش ما توصل إليه العِلم الحديث بشيء من التفصيل عن المِثلية الجنسية؛ ما هي؟ وما أسبابها؟
ما هي المِثلية الجنسية؟
المِثلية الجنسية: هي الشعور بالانجذاب العاطفي تجاه شخص من نفس الجنس، وهي لا تقتصر على ممارسة الجنس فقط، فيمكن أن يكون إحداهما أو كلاهما معًا.
وقد يُعد إخلالًا بالمعنى أن نَصِف المِثلية الجنسية على أنها شذوذ جنسي؛ لأن التوجه المِثلي هو أمر شائع في الطبيعة؛ فهي مُنتشرة بكثرة بين مملكة الحيوانات بمُختلف تصنيفاتها وأنواعها، بل إنّ بعض الدراسات تُشير إلى وجود توجهات مِثلية عند بعض أنواع الحشرات!
حول التوجهات الجنسية:
في القرن الـ19 ظهرت العديد من النظريات حول المِثلية الجنسية ولكن لم يكن لها أي دليل تجريبي أو اتساق مع بعضها البعض أو مع الواقع.
في أواخر أربعينيات القرن الماضي، أجرى عالِم البيولوجيا «ألفريد كينسي - Alfred Kinsey» دراساته حول التوجه الجنسي للمثليين، وأظهرت النتائج أنَّ للمِثلية الجنسية درجات مُتفاوتة، وقام بوضع ما يُعرف باسم «سلم كينسي - Kinsey scale» الذي يتدرّج من (0) إلى (6) بحيث أن:
(0): تعني أن الشخص مُغاير الجنس تمامًا (Heterosexual) ولا يميل بأي درجة إلى المِثلية.
(1): تعني أن الشخص في الغالب مُغاير الجنس وقليل الميل نحو المِثلية الجنسية «مثلي عرضيًا»
(2): تعني أن الشخص في الغالب مُغاير الجنس وأكثر ميل -قليلًا- نحو المثلية الجنسية «مثلي أكثر عرضيًا»
(3): تعني أن الشخص له ميول جنسية مزدوجة (Bisexual).
(4): تعني أن الشخص في الغالب مِثلي الجنس وأكثر ميل -قليلًا- للمُغايرة الجنسية «مغاير أكثر عرضيًا»
(5): تعني ان الشخص في الغالب مِثلي الجنس وقليل الميل نحو المُغايرة الجنسية «مُغاير عرضيًا»
(6): تعني أن الشخص مِثلي الجنس تمامًا (Homosexual) ولا يميل بأي درجة إلى المُغايرة.
(X): وهي إشارة تمت إضافتها لاحقًا لسُلم كينسي للدلالة على ان الشخص لا جنسي (Asexual) أي ليس لديه توجه جنسي على الإطلاق أو رغبة في أي من الجنسين.
الشعور بالاختلاف:
يبدأ الإحساس بالميل العاطفي نحو أفراد نفس الجنس في مرحلة الطفولة، ويتطور تصاعدًا حتى مرحلة المُراهقة، وما بين الضغوط المُجتمعية الخارجية والشعور الداخلي بالاختلاف؛ يظل الشخص في حالة مِن الحيرة والقلق حيال توجهاته ومشاعره، وخلال هذه الفترة أظهرت بعض الدراسات ارتفاعًا ملحوظًا في نِسب الانتحار بين المُراهقين، وأرجعت السبب في ذلك إلى الأعراف الاجتماعية والثقافية المحيطة بهم، وخوف الشخص من ردة فعل المُجتمع نحوه، وما قد يتبعها من اضطهاد أو تمييز أو عنف أو قتل أحيانًا! وتَقِل هذه النِسب كلما كان المُجتمع أكثر انفتاحًا وتقبلاً للمثليين.
وكنتيجة منطقية، تستبعِد مِثل هذه الدراسات في هذه الحالة - وغيرها كما سنرى - أن تكون المِثلية الجنسية اختيارًا شخصيًا نابعًا عن إرادة حرة؛ فلا يوجد سبب يُجبر الشخص على اختيار توجهه الجنسي في مٌقابل تحمُّل ضغوط نفسية مُجتمعية، وتقبُّل التمييز العنصري ضده، يقوده في النهاية إلى الانتحار!
أسباب المِثلية الجنسية:
-العامل الچيني والمراحل الأولى في تكوين الأجنة:
في دراسة تمت على عدد من التوائِم؛ أظهرت نتائجها على التَوأَم الغير مُتماثل أنه إذا كان لأحدهما توجهات مِثلية الجنس، فإن احتمالية أن يكون للآخر نفس التوجهات المِثلية هو 22% وعند دراسة التَوأَم المُتماثِل تبيّن أنه إذا كان أحدهما مِثلي الجنس فإن احتمالية أن يكون للآخر نفس التوجه الجنسي ترتفع إلى 52%! ومِثل هذه الدراسة تُلقي الضوء على أحد العوامل الهامة المُسببة للمِثلية الجنسية؛ وهي الچينات، لأن التَوأَم المُتماثِل أقرب جينيًا إلى بعضهما البعض عن التوأم المُختلف أو الغير مُتماثل.
بعض الأبحاث والدراسات عن آلية عمل الچينات وعلاقتها بالتوجهات الجنسية:
• في دراسة أخرى تمت على أكثر من 114 عائلة من عائلات أشخاص أصحاب توجهات مثلية، تبيَّن أن معدلات وراثة نفس التوجهات الجنسية المثلية في عائلة الأم أكثر منها في عائلة الأب، مما فتح المجال لدراسة أخرى تُفسِّر العلاقة بين كروموسوم X الخاص بالأم والتوجهات المِثلية للذكور، واتضح بالفعل وجود عدّة مواقع على كروموسوم X تتحكم في التوجه الجنسي للذكور، تنتقل من الأم للجنين في مراحل التكوين الأولى له داخل الرَّحِم مُسببة هذا التوجه الجنسي.
• في الظروف العادية، احتمالية أن يكون الشخص مِثلي الجنس هي أقل من 5% ولكن إن كان للطفل الذكر عِدة إخوة ذكور أكبر مِنه سنّاً، فإن احتمالية أن تكون توجهاته الجنسية مِثلية، ترتفع إلى 33% ويرجع ذلك لأن جسم الأم يتعامل مع كروموسوم Y القادِم من الأب على أنه جُسيم غريب، فيعمل على إفراز جُسيمات مُضادة له ومهاجمته، مع ولادة الأم لعِدة ذكور، تزداد قوة مهاجمة هذه الجسيمات لهرمونات الذكورة، مسببة التوجه المثلي للطفل.
• في الأسابيع الأولى تتكون جميع الأجنة بنفس الطريقة، لو لم يتغير شيء، سيولد الجنين كأنثى، ولكن عندما يبدأ كروموسوم Y في العمل، يبدأ في الأسبوع السادس بتكوين الخصيتان، وبدورهما تقومان بتكوين هرمون الذكورة التستوستيرون، في الأسبوع الثامن يبدأ إفراز الهرمون، ويكون هو مسؤول عن إظهار صفات الذكورة على الجسم، وتؤثر هذه العملية في مراحل تكوين المخ الأولى، بما في ذلك المهاد (Hypothalamus) الذي يتحكم بشكل جزئي في تحديد ما يجده الشخص جذّاب ومثير جنسياً، وتقترح بعض الدراسات نظرية تقول بأنه كلما زاد تعرض مهاد المخ إلى إفرازات هرمون التستوستيرون، كلما زاد ميل الذكر إلى الأنثى، ولكن في حالة المِثلية الجنسية، يمتص الجنين ما يكفي من هرمون الذكورة ليشكل جسده كذكر، ولكن مخه لم يتعرض للقدر الكافي لتغيير ما بدأ عليه، وهو الميل الجنسي تجاه الذكور، فيولد الطفل بجسم ذكوري كامل، ولكن بتوجهات جنسية مختلفة.
المثلية الجنسية في علم النفس:
العوامل النفسية قد لا تكون العامل الوحيد في تحويل الشخص لمثلي الجنس، فبعضهم يولد كذلك بالفعل كما تم الشرح مسبقًا ولكن ما رأي علم النفس في المثلية الجنسية؟
• تاريخيًا:
قديمًا كانت توصف بالغير طبيعية من قبل المؤسسات الحاكمة والأشخاص العاديين لأنها فعل لا يؤدي إلى إنتاج؛ لذلك تم اعتبارها شذوذ عن ممارسة الجنس الطبيعية وقد دعم ذلك الرأي عن طريق العديد من الأديان والتي كانت لها السلطة المطلقة آنذاك، وكانت الأحكام على المثليين تصل إلى الإعدام.
في مرحلة لاحقة تم إدراج العلاج الديني كأحد سبل التغلب على المثلية الجنسية، وذلك قبل فرض عقوبة على الشخص تصل إلى الموت إذا لم ينجح العلاج.
في بدايات القرن التاسع عشر بدأ الدين وعلم النفس في أن يدخلوا في صراع حول قضية الحكم في التوجه الجنسي، وبذلك تحولت الدفة في النقاش حول المثلية الجنسية من فكرة إذا ما كانت خطيئة أم لا، إلى فكرة إنها مرض أم لا. وكان ذلك التغير محوري لأنك من وجهة نظر المجتمع (قديمًا) يمكنك أن تلوم شخص على خطيئة ما، لكنك لا يمكنك أن تلوم شخص على شيئًا لم يختاره. اختلف رأي علماء النفس في البداية حول المثلية الجنسية ولكن حتى في الطب والطب النفسي لم يعتبروها مرضًا بشكل مطلق:
• رأي علماء النفس قديمًا:
-بالنسبة لـ«ريتشارد فون كرافت إيبنج» فقد اعتبرها علة نفسية جنسية، ولكن «سيغموند فرويد» و«هافلوك إليس» على حد سواء قابلوها بعبارات أكثر تقبلًا.
بالنسبة لـ «إليس» (عام 1901) قال: أن التوجهات المثلية تولد مع الشخص، وبالتالي لا يمكن اعتبارها غير اخلاقية، فهي ليست مرضًا، وأن العديد من المثليون جنسيًا قد قدموا اسهامات بارزة في المجتمع.
بالنسبة لـ«سيغموند فرويد» كان الأمر مختلفًا قليلًا فقد أعرب عن اعتقاده أن جميع البشر ثنائيون الجنس بالفطرة، ويتحدد توجهم الجنسي لاحقًا نتيجة لتجاربهم مع الآباء والأمهات وغيرهم. ولكنه وافق «إليس» الرأي بأنها ليست مرضًا.
وقد قال في (عام 1935) نصًا لخطاب موجه لأم أمريكية ابنها مثلي الجنس: "المثلية بالتأكيد ليست ميزة، ولكنها ليست عارا، ليست خطيئة، ليست انحطاطا، لا يمكن تصنيفها كمرض. نعتبرها اختلافا في الوظائف الجنسية نتجت خلال مرحلة معينة من مراحل التطور الجنسي. الكثيرون من الأفراد المرموقين في الحاضر والماضي كانوا مثليين، والكثير من العظماء (أفلاطون، مايكل أنجلو وليوناردو دا فنشي، وغيرهم). من الظلم الشديد اضطهاد المثلية الجنسية باعتبارها جريمة، بل وقسوة شديدة أيضا... إذا كان ابنك غير سعيد، وعصبي، وتمزقه الصراعات، يعاني من الكبت في حياته الاجتماعية، فإن التحليل النفسي قد يجلب له الانسجام وراحة البال، وسوف يكون بكفاءته الكاملة سواء ظل مثليا أو حدث تغيير."
• أما عن رأي علم النفس حديثًا:
علماء النفس في وقت لاحق لم يتتبعوا هذا الرأي، فقد رفض «ساندور رادو» فرضية فرويد من الازدواجية الكامنة، وزعم أن العلاقة مع الجنس الآخر هي الطبيعية وأن المثلية الجنسية هي محاولة إصلاحية لتحقيق المتعة الجنسية عندما تمثل العلاقات مع الجنس الآخر تهديد. جادل محللون آخرون في وقت لاحق أن المثلية الجنسية هي نتاج العلاقات الأسرية المرضيَّة خلال الفترة قبل الأوديبية (حوالي 4-5 سنوات من العمر)، وادعوا أنهم لاحظوا هذه الأنماط في مرضاهم مثليي الجنس (بيبر وآخرون، عام 1962). تكهن «تشارلز سوكاريديس» (عام: 1968) أن من مسببات التوجه الجنسي المثلي تكون في سن ما قبل الأوديبي (4-5 سنوات).
• التحيز في التحليل النفسي:
على الرغم من أن نظريات التحليل النفسي بخصوص المثلية الجنسية لاقت رواجًا واسعًا في علم النفس، وفي الثقافة الاجتماعية، إلا إنها لا تخضع لرقابة صارمة. فبدلا من ذلك، كانت تستند على الملاحظات السريرية لمرضى معروف عنهم أنهم مثليين بالفعل.
هذا الإجراء يؤثر سلبًا على صحة استنتاجات التحليل النفسي من ناحيتين:
أولا: من ناحية نظريات المُحلِل وتوقعاته، والمواقف الشخصية من المرجح أن تصنع نوعًا ما من التحيز في ملاحظاته أو ملاحظتها. لتجنب مثل هذا التحيز، يأخذ جهدا كبيرًا في دراستهم للتأكد من أن الباحثين الذين جمعوا البيانات لا يوجد لديهم توقعات حول كيفية أن أحد المشاركين في بحث معين سوف يستجيب. ومن الأمثلة على ذلك التجارب العمياء، وهي تجربة تكون معلومات الاختبار فيها والتي يمكن أن تسبب تحيزًا في نتائج الاختبار متكتمًا عليها ومخفية عن القائم بالفحص (الفاحص) والخاضع له (مريض غالبا)، أو كليهما حتى نهاية الاختبار. والتحيز قد يكون مقصودا أو غير مقصود. وتسمى التجربة التي يكون فيها الفاحص والخاضع للفحص كلاهما معمى عليه بالتجربة ثنائية التعمية. لم تستخدم مثل هذه الإجراءات في دراسات التحليل النفسي السريري من الميل الجنسي المثلي.
والمشكلة الثانية مع دراسات التحليل النفسي هو أنها قد درست مثليون جنسيًا الذين كانوا بالفعل تحت الرعاية النفسية فقط - وبعبارة أخرى، مثليون جنسيًا يريدون نوعًا من العلاج. وذلك أن هؤلاء لا يمكن أن يمثلوا الجميع. تماما كما سيكون من غير المناسب استخلاص استنتاجات حول جميع العلاقات الجنسية الغيرية تستند فقط على البيانات من المرضى النفسيين من جنسين مختلفين، لا يمكننا تعميم ملاحظات من المرضى المثليين لجميع الأشخاص المثليين والمثليات.
• «ألفريد كينسي»: اعتمد موقفا أكثر تسامحًا تجاه المثلية الجنسية ووضع «تدريج كينسي» المشروح في أول المقال، عالم الحيوان «ألفريد كينسي»، في دراساته التجريبية الرائدة حول السلوك الجنسي بين البالغين في الولايات المتحدة، وكشفه أن عددًا كبيرًا من المشاركين في بحثه أفادوا بأنهم منخرطون في سلوك جنسي مثلي إلى حد النشوة الجنسية من بعد سن 16.
وعلاوة على ذلك، ذكر كينسي وزملاؤه أن 10٪ من الذكور في العينة و2-6٪ من الإناث (حسب الحالة الاجتماعية) كان سلوكهم مثلي لمدة ثلاث سنوات على الأقل تتراوح أعمارهم بين 16 و55.
والجدير بالذكر أن على الرغم من الأخذ بهذه الإحصائيات إلى أنه لا يمكن تقييمها إذا ما كان الأشخاص تم اختيارهم بشكل عشوائي أم لا. ومع ذلك، كشف عمله أن الكثير من البالغين شاركوا في سلوك جنسي مثلي أكثر مما اعتقد سابقًا أو لديهم أفكار مثلية. العثور على هذا يلقي ظلالًا من الشك على افتراض على نطاق واسع أن المثلية الجنسية كانت تمارس من قبل عدد قليل جدًا من الأشخاص.
• الدراسات المقارنة:
جادل الباحثون في العلوم الاجتماعية الأخرى أيضًا ضد النظرة السلبية السائدة نحو المثلية الجنسية. في استعراض الدراسات العلمية المنشورة والبيانات الأرشيفية، وجد «فورد» و«بيتش» (عام 1951) أن سلوك المثلية الجنسية موجودة على نطاق واسع بين مختلف الأنواع غير البشرية، وفي عدد كبير من المجتمعات البشرية. وذكروا أن السلوك المثلي يعتبر نوعًا ما عادي ومقبول اجتماعيًا على الأقل في 64٪ من المجتمعات الـ76 الموجودين في عينتهم؛ في المجتمعات المتبقية، أفيد بأن النشاط المثلي الطوعي بين البالغين غائب تماما، ونادر، أو يتم ممارسته في السر فقط.
كما هو الحال مع «كينسي»، لا يمكن تطبيق هذه النسبة على كافة المجتمعات البشرية لأن العينة المستخدمة لم يتم التأكد ما إذا كان تم اختيارها بصورة عشوائية أم لا. ومع ذلك، فإن نتائج «فورد» و«بيتش» تثبت أن السلوك الجنسي المثلي يحدث في العديد من المجتمعات وليس دائمًا مدان.
• «إيفلين هوكر»:
دراسة «إيفلين هوكر» (عام 1957) كانت جديرة بالاحترام وتعتبر من أهم الدراسات التي أقيمت على المثلية الجنسية للعديد من الجوانب الهامة.
أولًا: بدلًا من مجرد قبولها بالرأي السائد بأن المثلية الجنسية مرض، فقد طرحت مسألة ما إذا كان العلاقات المثلية والعلاقات المغايرة يختلفون في تكيفهم النفسي أم لا.
ثانيًا: بدلًا من دراسة المرضى النفسيين، فقد أحضرت عينة من الرجال المثليين الذين كانوا يعملون بشكل طبيعي في المجتمع.
ثالثًا: قامت باتباع طريقة معينة وذلك بأنها طلبت من خبراء تقييم هؤلاء الرجال دون معرفة مسبقة عن ميولهم الجنسية. تعالج هذه الطريقة مصدرًا هامًا من مصادر التحيز الذي قد أفسد الكثير من الدراسات السابقة عن المثلية الجنسية.
قامت «إيفلين» بعمل ثلاثة اختبارات (اختبار رورشاخ –المعروف باختبار نقطة الحبر-، واختبار الإدراك الموضوعي [TAT]، واختبار تقديم قصة مصورة [MAPS]) على 30 من الذكور مغايري الجنس و30 من الذكور مثلي الجنس، تم اختيارهم من خلال منظمات المجتمع المحلي. وجرى الربط بين المجموعتين بالنسبة للعمر، ومعدل الذكاء IQ، والتعليم. ولم يكن أي من الرجال يخضع إلى علاج ما في وقت الدراسة.
أخضع اثنان من الخبراء في اختبار رورشاخ الرجال للاختبار، بدون معرفة مسبقة لميولهم الجنسية، وطُلب منهما تحديد معدل تكيفهم على مقياس من 5 درجات. وكان تقييمهما بأن الثلثين من مغايري الجنس والثلثين من المثليون جنسيًا في أعلى الفئات تكيفًا. عندما طُلب منهما تحديد نتائج المثليين، لم يتمكنا من تمييز ردود المثليين من غيرهم.
يستخدم الخبير الثالث اختبار الإدراك الموضوعي، واختبار تقديم القصة المصورة، لتقييم التوافق النفسي للرجال. كما هو الحال مع نتائج اختبار رورشاخ، لم تختلف ردود مغايري الجنس عن ردود المثليين كثيرًا.
توصلت «إيفلين» من بيانات اختبارها بأن المثلية الجنسية ليست حالة سريرية وليست مرتبطة بكونها أحد الأمراض النفسية.
ومنذ ذلك الحين تم تكرار نتائج «إيفلين» من قبل العديد من الباحثين الآخرين باستخدام مجموعة متنوعة من أساليب البحث. على سبيل المثال، فريدمان (عام 1971)، استخدم تصميم «إيفلين هوكر» الأساسي لدراسة النساء المثليات والمغايرات. بدلًا من الاختبارات الإسقاطية، قام بإجراء اختبارات التسجيل -الموضوعية- لتقييم الشخصية على النساء. وكانت استنتاجاته مماثلة لاستنتاجات «إيفلين هوكر».
على الرغم من أن بعض التحقيقات التي نشرت منذ دراسة «إيفلين» والتي زعمت أن المثلية الجنسية مرض نفسي، إلا أنها كانت ضعيفة منهجيًا. فعلى سبيل المثال كانت تستخدم العديد من العينات السريرية فقط أو عينات من السجون، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعمم نتائجها. كما فشل آخرون في إجراءات الحفاظ على المعلومات التي تم جمعها من التحيزات المحتملة من قبل المحققين على سبيل المثال، تقييم الرجل نفسيًا من قبل المحققين يكون من وجهة نظرهم النفسية، والتي يمكن أن تكون متأثرة بفكرة التعامل معهم بكونهم مثليين.
• وجدت بعض الدراسات اختلافات بين مثليي الجنس ومغايري الجنس، ومن ثم افترضت - هذه الدراسات - أن تلك الاختلافات تعتبر مؤشر على وجود علة نفسية ما. على سبيل المثال، فإن مغايري الجنس ومثلي الجنس قد مروا بأنواع مختلفة من تجارب الطفولة أو العلاقات الأسرية. عندئذ يفترض أن الأنماط التي أفاد بها المثليون جنسيًا تشير إلى مرض نفسي، على الرغم من ذلك لا يوجد فروق في الأداء النفسي بين المجموعتين -المجموعة المثلية، والمجموعة المغايرة-.
• وزن الأدلة:
في مراجعة للدراسات المنشورة والتي قارنت بين مثليي الجنس ومغايري الجنس عن طريق الاختبارات النفسية، وجد «جون جونسيوريك» (عام 1982) أنه على الرغم من أنه لوحظت بعض الاختلافات في نتائج الاختبارات بين المثليين جنسيًا وأصحاب العلاقات الجنسية الغيرية، إلا أن كلا الفريقين سجل نتائج ضمن المعدل الطبيعي. اختتم «جون» كلامه بأن "المثلية الجنسية في حد ذاتها ليس لها علاقة بالاضطرابات النفسية أو عدم التكيف. المثليون كمجموعة لا يمكن اعتبارهم مختلين نفسيًا بسبب ميولهم الجنسية المثلية."
• الحذف من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية:
في عام 1973، وزن البيانات التجريبية، بجانب تغيير المعايير الاجتماعية وزيادة نشاط المثليين في الولايات المتحدة، أدى إلى أن إدارة الرابطة الأمريكية للطب النفسي أزالت المثلية الجنسية من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM). وقد تم التصديق على قرار المجلس من خلال تصويت جماعي للأطباء النفسيين عام 1974، وفي عام 1986 تم إلغاء اعتبار المثلية الجنسية كمرض عقلي أو إدراجها تحت أي مرض آخر بشكل نهائي.
جمعية علم النفس الأمريكية (APA) أيدت على الفور إجراءات الأطباء النفسيين، وعملت بشكل مكثف للقضاء على وصمة العار المرتبطة تاريخيًا مع التوجه الجنسي المثلي.
الاستنتاج العام:
لا يزال بعض علماء النفس والأطباء النفسيين يضمرون مواقف سلبية شخصية اتجاه المثلية الجنسية. ومع ذلك، فإن الأدلة التجريبية والمعايير المهنية لا تدعم فكرة أن المثلية الجنسية هي شكل من أشكال المرض العقلي أو ترتبط بطبيعتها بعلم النفس المرضي.
وذلك لا يعني أن الأقليات الجنسية تكون خالية من الأمراض النفسية والضغوط النفسية. في الواقع، نظرًا للضغوط التي أنشأتها وصمة العار الجنسي والتحيز المستمر، سيكون من المثير للدهشة أن يكون بعضًا منهم لم يعاني من مشاكل نفسية بعد. تشير البيانات من بعض الدراسات أنه على الرغم من أن معظم أفراد الأقلية الجنسية متكيفون نفسيًا بشكل جيد، إلا أن الأفراد الذين لديهم أهواء جنسية أخرى مختلفة عن السائد يكونوا أكثر عرضة لخطر نوعًا ما إلى الاكتئاب، والقلق، والمشاكل ذات الصلة، مقارنة بأصحاب التوجه الجنسي الغيري.
للأسف، بسبب الطريقة التي تم إجراء هذه الدراسات بها، فإنها لا تعطي معلومات حول نسب الإصابة بهذه المخاطر بالنسبة للمجموعات الفرعية المختلفة داخل الأقلية الجنسية. (مثلًا: نسبة إصابة ثنائيي الجنس والمثليين بأمراض معينة مقارنةً مع غيرهم، أو نسبة إصابة ثنائيي الجنس بأمراض معينة مقارنةً بالمثليين... وهكذا)
في البحوث المستقبلية، ستكون المقارنة مهمة بين مختلف الأقليات الجنسية لكي نعرف كيف يصمد العديد من الأفراد في وجه الضغوط التي يفرضها التحيز الجنسي، وتحديد استراتيجيات فعالة لعلاج الذين يعانون من مشاكل نفسية.
إجابة على اسئلة حول المِثلية الجنسية:
• هل يمكن أن يكون أحد أسباب المِثلية الجنسية اضطراباً نفسياً؟
- لا، فقد تم إلغاء اعتبارها مرض نفسي نظرًا للنتائج التجريبية التي تدعم ذلك، كما تم الشرح بالتفصيل بالأعلى.
-
• هل للمِثلية الجنسية علاج؟
- لا تُعد المثلية الجنسية مرضاً من الأساس، لكن كل الادعاءات القائلة بأن للمثلية الجنسية علاج هي محض خرافات ليس لها أساس علمي، وأحد طرق خداع البعض، هي العلاج الهرموني، فمصدر الرغبة الجنسية هو المخ، والجينات المكونة للشخص من الأساس، وأثناء وبعد فترة البلوغ عند الجنسين من المثليين جنسياً ومتبايني الجنس تتساوي نسب الهرمونات؛ فهرمونات مِثلي الجنس الذكر مساوية لهرمونات الذكر مُتباين الجنس، ونِسب الهرمونات عند الأنثى مِثلية الجنس مساوية تقريباً لهرمونات الأنثى متباينة الجنس، مع بعض الاختلافات الطفيفة في نسب التستوستيرون، وبذلك فإن الادعاء القائل بأن للمثلية الجنسية علاج ما، هو خاطئ.
• في ظل نظرية التطور والانتقاء الطبيعي؛ لماذا لم يتم التخلص من الجينات المُسببة للمِثلية الجنسية، بما أنها تعيق عملية التكاثر؟
- انتقال أحد المُسببات الجينية للمثلية الجنسية عن طريق الأم كما ذكرنا، عن طريق كروموسوم X وتحديداً في موقع Xq28 قد يكون هو الإجابة على هذا السؤال، فوجود هذا الجين مُفعل مُفيد للأم، ولكن عند انتقاله إلى الجنين الذكر يجعله مِثلي الجنس.
• عندما يتزوج الأشخاص ذوي الميول الجنسية المِثلية، لا تُمرر ميولهم إلى أية أطفال، فكيف ظلت متواجدة طيلة هذا الوقت؟
- يتكون الذكر من كروموسوم X من الأم وكروموسوم Y من الأب، في حالة الأنثى يكون XX، ولكن لماذا XY يكون الذكر؟ كما ذكرنا لأن كروموسوم Y هو المسؤول عن إنتاج هرمون الذكورة (التستوستيرون) أثناء عملية تعرض الجنين للهرمون، قد لا يستقبل القدر الكافي لتغيير ميوله الجنسية كمظهره الجسدي، كما ذكرنا، فدرجة التعرّض تختلف بدرجات متفاوتة، فحتى وإن لم يكن لأصحاب الميول الجنسية المثلية نسل، فهكذاً هي الطبيعة!
• هل العلاجات الإصلاحية الموجودة حاليًا فعالة؟
من فترة أعتذر الطبيب النفسي «روبرت سبيتزر» عن نشره بحث يدعم فيه فكرة «العلاج الإصلاحي» لمعالجة المثلية الجنسية بناءً على ادعاء بعض الأشخاص المتدينون أنه نجح في تغيير هويتهم الجنسية، ولكنه عرف بكذبهم بعد ذلك واعتذر عن نشر البحث.
في الواقع، حتى لو أن عدد قليل جدًا من الحالات غير من ميوله لأي سبب كان، إلا أن هناك حجج قوية أن القيام بمثل هذه الجلسات هو عمل غير أخلاقي. حيث أن أضرارها على الصعيد النفسي أكثر بكثير من فوائدها. على سبيل المثال، الدكتور جيرالد دافيسون (1991)، الرئيس السابق لجمعية نهوض العلاج السلوكي، جادل بأن البرامج التي تهدف نحو تغيير التوجه غير لائقة أخلاقيًا، ووجودها يؤكد فقط التحيزات المهنية والمجتمعية ضد المثلية الجنسية. لأكثر من ربع قرن، وقد اعترفت الجمعيات المهنية الرئيسية لممارسي الصحة العقلية أن المثلية الجنسية ليست مرضا عقليًا، بل أنه يتم انتقاد محاولات تغيير التوجه الجنسي بشدة.
وجهة النظر السائدة في علم النفس والطب النفسي هي أن الناس الذين يقلقون حول ميولهم الجنسية المثلية يكون قلقهم نتيجة لحساسية المجتمع من الموضوع، وأن دور المعالج يكون في مساعدتهم على التغلب على تلك الأفكار المسبقة ويعيشوا حياة سعيدة ومُرضية كمثليين. - والجدير بالذكر أن تلك النتيجة قد لا تكون مناسبة لمجتمعنا الآن لما قد يتعرض له الأفراد من مشاكل اجتماعية، ولكن التوعية تظل سبيلًا لتغيير وجهة نظر الأفراد للمثلية الجنسية.
«حسنًا، المثلية الجنسية ليست شكلًا من أشكال الجنس، بل إنها شكلٌ من أشكالِ الحب.» ـ كريستوفر هيتشنز